قال الإمام الفخر الرازي:
«الْكَلَام صفة مُغَايرَة لهَذِهِ الْحُرُوف والأصوات. وَالدَّلِيل عَلَيْهِ هُوَ أَن الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْأَمر مُخْتَلفَة بِحَسب اخْتِلَاف اللُّغَات. وَحَقِيقَة الْأَمر مَاهِيَّة وَاحِدَة، فَوَجَبَ التغاير. وَأَيْضًا اللَّفْظ الَّذِي يُفِيد الْأَمر إِنَّمَا يفِيدهُ لأجل الْوَضع والاصطلاح، وَكَون الْأَمر أمرا مَاهِيَّة ذاتية لَا يُمكن تغيرها بِحَسب تغير الأوضاع، فَوَجَبَ التغاير، فَثَبت أَن الْأَمر مَاهِيَّة قَائِمَة بِالنَّفْيِ يعبر عَنْهَا بالعبارات الْمُخْتَلفَة.
إِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول: تِلْكَ الْمَاهِيّة لَيست عبارَة عَن إِرَادَة الْمَأْمُور بِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمر الْكَافِر بِالْإِيمَان وسنقيم الْبَرَاهِين اليقينية على أَنه تَعَالَى يمْتَنع أَن يُرِيد الْإِيمَان من الْكَافِر فَوَجَدنَا هَهُنَا ثُبُوت الْأَمر بِدُونِ الْإِرَادَة فَوَجَبَ التغاير فَثَبت أَن الْأَمر وَالنَّهْي مَعَاني حَقِيقِيَّة قَائِمَة بنفوس الْمُتَكَلِّمين ويعبر عَنْهَا بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة»
معالم أصول الدين للرازي، ص ٦٥.