في أصحابي سلفيون وأشعرية وصوفية ، ويزورني السلفيون والأشعرية والصوفية وأزورهم ، ويحضر مجلسي الأسبوعي الجميع ، وأكثر من يحضره السلفيون ، وعرفت الجميع ، وعرفت مقالات المعتدلين منهم والغلاة ، والمتسامحين والإقصائيين : من تراثهم وكتبهم وحوارهم .
قرأت عامة التراث التيمي ومدرسته ، وقرأت قبلها كتب السنة والمعتقد عند المحدّثين كلها صغيرها وكبيرها ، لم يفتني منها إلا ما لم أعلم أنه مطبوع (إن وُجد ما فاتني منها) ، وقرأت بعض تراث الأشعرية كبعض كتب الجويني والغزالي وبعض كتب الرازي والتفتازاني وغيره من أوسطهم وبعض كتب متأخريهم وقليلا من كتبهم المعاصرة ، وقرأت كتب التصوف المتشرع منذ الحارث المحاسبي والحكيم الترمذي إلى أبي عبد الرحمن السلمي والقشيري والغزالي والحكم العطائية وبعض كتب زروق ، ومررت في أثناء ذلك على بعض كتب التصوف المنحرف الخرافي .
وقرأت بعض كتب الفلاسفة الغربيين كديكارت وكانت حتى نيتشه ، وقرأت لابن رشد (فصل المقال) و(مناهج الأدلة) وقليلا في (تهافت التهافت) .
وأراجع كتب الفرق والملل والمذاهب القديمة والمعاصرة كثيرا ، ومن حين لآخر . واعتنيت جدا بالدراسات المعاصرة عن فرق أهل القبلة ، التي كتبها مخالفو تلك الفرق وموافقوها : مما كُتب عن السلفية والأشعرية والصوفية والشيعة والإباضية .
وقرأت ردود بعضهم على بعض ، رد السلفي على الأشعري والأشعري على السلفي ، ورد السلفي على الصوفي والصوفي على السلفي ، والمتشرع من الصوفية على الخرافيين منهم ، وأعرف المعارك الدائرة بين المنتسبين للتصوف المخالفين لابن عربي الحاتمي المضللين له والمكفرين من جهة ، ومن جهة أخرى : قرأت للمدافعين عنه .
شاممت الجميع وعرفت مشاربهم ومآخذهم ، فصرت على يقين أن الحق لا تحتكره جماعةٌ ومنهجٌ مزعوم دون غيره ، وعرفت أن القواسم المشتركة بين المعتدلين منهم كافية لتحقيق الألفة والوحدة ، وأن المعتدلين من المدارس المختلفة أقرب إلى بعضهم من قربهم لغلاة المنتسبين لمدارسهم :
فالسلفي المعتدل أقرب إلى معتدلي الأشعرية والصوفية من داعش وغلاة التكفيريين .
والأشعري المعتدل أقرب إلى السلفي من الأحباش وغلاة المنتسبين للأشعرية .
والصوفي المعتدل المتشرع أقرب للسلفية والأشعرية من خرافيي الصوفية ودجاجلة الطرقية المنتفعين من سدانة القبور والأضرحة .