بقلم: الأستاذ نزار حمادي حفظه الله
إنّ المتأمل في كتب أئمة أهل السنة الأشاعرة خصوصًا في باب العقائد بدءًا من كتب القاضي الباقلاني كالتمهيد ورسالة الحرة، ومرورا بمؤلفات إمام الحرمين الجويني كالإرشاد واللمع، وتلميذه حجة الإسلام الغزالي في الاقتصاد، ثم ينتقل إلى أسفار الإمام الفخر الرازي كالنهاية والمطالب العالية، ثم اختصارات كتبه للقاضي البيضاوي لا سيما في أنواره ومصباحه، ثم يقف عند ألغاز العضد الإيجي في مواقفه وجواهره، سيلاحظ ما بين تلك الأطوار من انسجام وتكامل وتعاضد للوصول إلى الحق اليقين في علم أصول الدين والردّ على المخالفين، ولن تجد بينهم تضليلا ولا تفسيقا ولا تبديعًا.
وأما إذا أردت أن تحطّ رحالك عند من جمع ما في تلك الكتب من أسرار وفوائد ودقائق ولطائف مع الأسلوب والبديع والإيجاز الرفيع وحسن سبك العبارة ودقة الإشارة فعليك بكتب المولى العالم الرباني المعروف أيضا بالعلامة الثاني سعد الملة والدين التفتازاني، وابدأ بالتأمل في قوله في خطبة مقاصده: “حَمْدًا لمَنْ تفوحُ نفحاتُ الإمكان بوجوب وجوده، وتَلُوحُ على صفحات الأكوان آثارُ كرَمه وجُوده…”، وعندها ستدرك أن بين يدي كتاب وصل فيه صاحبه إلى أعلى طبقات البلاغة البشرية في عين المحافظ على دقائق المعاني العلمية الإيمانية.