قال ابن المرزبان:
وحدثنا عبد الله بن محمد المروزي قال: حدثنا علي بن عاصم قال: أنبأنا حصين بن عبد الرحمن قال:
بلغني أن فتى من هل المدينة كان يشهد الصلاة كلها مع عمر بن الخطاب وكان يتفقده إذا غاب.
قال: فعشقته امرأة من أهل المدينة فذكرت ذلك لبعض نسائها فقالت لها: ألا أحتال لك في إدخاله عليك؟
قالت: بلى.
فقعدت له في الطريق فلما مر عليها قالت له: أنا امرأة كبيرة السن ولي شاة ولست أستطيع أن أحلبها فلو تنويت الثواب ودخلت محلبتها لي.
فدخل فلم ير شاة.
فقالت: ادخل البيت حتى آتيك بها.
فدخل فإذا امرأة وراء الباب فأغلقت عليه
الباب.
فلما رأى ذلك عمد إلى محراب في البيت فقعد فيه فأرادته على نفسه فأبى وقال: اتق الله أيتها المرأة.
فجعلت لا تكف عنه ولا تلتفت إلى قوله.
فلما أبى عليها صاحت، فجاؤوا فدخلوا عليها وقالت: إن هذا دخل علي يريدني على نفسي فوثبوا عليه وجعلوا يضربونه وأوثقوه.
فلما صلى عمر الغداة فقده فبينا هو كذلك إذ جاؤوا به في وثاق فلما رآه عمر قال: اللهم لا تخلف ظني فيه.
قال: مالكم؟
قالوا: استغاثت امرأة في الليل فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها فنلناه بضرب وأوثقناه.
فقال له عمر: اصدقني!
فأخبره القصة وما قالت العجوز.
فقال له عمر: أتعرفها؟
قال: ما إن رأيتها.
فأرسل عمر إلى نساء جيرانها وعجائزها فجاء بهن فعرضهن عليه.
فجعل لا يعرف حتى مرت به العجوز، فقال: هذه يا أمير المؤمنين.
فرفع عمر عليها الدرة وقال: اصدقيني!
فقصت عليه كما قص الفتى فقال عمر: الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف.
“ذم الهوى” لابن الجوزي ص ٢٥٤.