آداب طالب السلوك لابن خفيف
قال الشيخ الكبير أبو عبدالله بن خفيف الشيرازي قدس الله سره وروحه :
يجب على المريد إذا قصد سلوك الطريق والخروج من المضيق إلى الشفيق الرفيق أن يحفظ هذه الخصال التي اذكرها :
أول خصلة : أن يبدأ بالندم على ما سلف من أيامه في الغفلة ، وان يخرج من المظالم.
الثانية : ان يتعلم من العلم ما يستعمله في وقته .
الثالثة : لزوم العمل ، والخلوة ، وذكر الله تعالى في كل حال .
الرابعة : :معرفة الله في قيامه وقعوده وجميع أحواله .
الخامسة : أن لا يستعمل شيئا إلا بمشورة .
السادسة : أن يكون له أستاذ وأخ ناصح .
السابعة : أن يوافق قلبه لسانه ولا تخطر الدنيا بباله .
الثامنة : أن يستعمل الصدق في جميع أحواله وأفعاله وأقواله .
التاسعة : أن يضبط بطنه ولسانه ، فإن المريد إذا كان شره النفس أكولا يحب الشهوات فإنه لا يجد ما يريد وتذهب أيامه في الغفلة والباطل ، وإذا كان كثير الكلام فإنه لا يسكن قلبه ذكر الله ومراقبته ، فإن معصية اللسان أكبر من سائر المعاصي .
العاشرة : أن يستعمل الآداب ، وان لا يتكلم إلا بما لابد منه.
الحادية عشرة : أن لا يأكل حتى يجوع ، ولا يشرب حتى يعطش ، ولا ينام حتى يغلب عليه النوم .
الثانية عشرة : أن لا يجلس مع النساء ، ولا يجلس معهن في مواضع الشهوات .
الثالثة عشرة : أن يغض بصره ، ولا ينظر إلا ما بين يديه، ولا ينظر إلى حجرات المسلمين ، فإنه قد روي عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) ان من نظر إلى حجرات المسلمين فهو منافق .
الرابعة عشر : أن لا يغفل عن الوضوء كل ساعة ، ولا يغفل عن مولاه ولو عند وقت الأكل والنوم .
الخامسة عشر : إياه ومجالسة الغافلين إلا عن ضرورة أو فيما لابد منه .
السادسة عشر :إياه واستعمال الكلام في الدنيا .
السابعة عشر : أن لا يدخل بيتا فيه عرس فانه شر بيت .
الثامنة عشر : أن لا يقول لو فعلت كذا لكان كذا ، ولو لم أفعل كذا لكان كذا ، فإنه كلام المنافقين بل يقول : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وما قدر سيكون حسبنا الله ونعم الوكيل .
التاسعة عشر : أن لا ينازع قدريا ولا معتزليا ولا رافضيا ولا مبتدعا ألبتة.
العشرون : إياه والمعاتبة مع أحد من الناس فإن هذا ليس من أفعال المريدين الصادقين .
الحادية والعشرون : أن لا تقبل نفسه شيئاً من الوسواس ، وانه خير من غيره ، وانه يعلم ما لا يعلمه غيره .
الثانية والعشرون : إياه والكبر ، وعلامة الكبر أن يزدري بأحد من الناس ، أو يستخف بأحد منهم .
الثالثة والعشرون : إياه والعجب ، وعلامة العجب أن يرقى بنفسه وعقله ولا يقبل من أحد شيئا إذا نصحه .
الرابعة والعشرون :إياه والحسد ، وعلامة الحسد أن يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله .
الخامسة والعشرون : أن لا يستعمل ما يشغل قلبه عن مولاه ، فيغفل عن جهده ، ولا يقعد مقعد صدق عند مليك مقتدر حتى يهون عليه كل شده .
ويحتاج المريد إلى أربعة أشياء :
دابة فارهة ،
ودار واسعة ،
وثوب حسن ،
وسراج مضيء ،
فأما الدابة الفارهة فهي الصبر ،
وأما الدار الواسعة فهي العقل ،
وأما الثوب الحسن فهو الحياء والتقى ،
وأما السراج المضيء فهو العلم النافع .
ووصيتي لك بحفظ العهد ، والوفاء بالوعد ، ولزوم الباب ، وذكر الله على كل حال ، وكتمان الفقر ، والقعود للحق بلسان الحق في طريق الحق حتى تصل الى الحق بالحق ان شاء الله تعالى وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
الحمد لله ونعم المعين و به نستعين ، وبعد فهذه تذكرة ووصية للولد أحمد بن علوي بن سقاف الجفري كان الله له أينما كان ووفقه لكل إحسان آمين :
أوصيك أيها الولد إن أردت العلم : أن تلازم الطلب ، وتسلك طريق الأدب ، وتجلس في مجلس العلم ساكن الأطراف منصتا واعيا مجموع الخاطر من أول الدرس إلى آخره . وأن تلازم في قراءتك أمور :
الأول : المطالعة فطالع بقدر ما أمكنك إما ثلاثا وإما أربعا وإما خمسا ، وقد كان سيدنا القطب العلامة احمد بن زين فيما بلغنا عنه لا يقرأ شيئا على احد من مشايخه إلا وقد طالع إحدى وعشرين مرة .
الثاني : تحسين اللفظ .
الثالث : الوقوف على رأس العبارة .
الرابع : تفهم المعنى .
الخامس : مراعاة الإعراب في النحو .
السادس : نية العمل بما سمعت وقرأت والتعلم والإرشاد لتكون من المتعلمين والمعلمين بفضل الله رب العالمين .
أقول وأنا الفقير محمد بن هادي بن حسن بن عبدالرحمن السقاف أجزتك في مطالعة ما أردت من الكتب ، واشترط عليك تقوى الإله والتحري فيما تفعل وتقول ، وعلى مولانا الكريم القبول والله يتولى هداك ويرزقك العلم النافع ويفقهك في الدين بجاه حبيبي سيد المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .